عن عبد الله بن عمرو (رضى الله عنه ) عن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه))
المراد بالمسلم (اى المسلم الكامل)
ولا تكفى تلك الصفات المذكورة فقط فى كمال الاسلام بل تحتاج الى باقى الصفات مثل اركان الاسلام ونحوها
اوان ذكر تلك الصفات لبيان علامة المسلم كما ذكر (صلى الله عليه وسلم) علامة المنافق فى احاديث اخرى
وقال الخطابى (المراد افضل المسلمين من جمع بين اداء حقوق الله واداء حقوق الناس)
والقصد من وصف المسلم بالسلامة من اللسان واليد هو الحث على تحصيل هذا الوصف وانه لا يكمل الاسلام الا به ولا يعنى انه يكفى لكمال الاسلام بل يحتاج الى غيره
وعبر بجمع التذكير فى (المسلمون) للتغليب فان المسلمات واهل الذمة يدخلن فى ذلك
وهناك حالات ينبغى للمسلم الا يسلم المسلمون فيها من لسانه ويده
كالحد او التعزير او التاديب لان ذلك فى التحقيق ليس اذاء بل هو استصلاح وطلب السلامه لهم ولو فى المال
وقد خص اللسان بالذكر لانه المعبر عما فى النفس
وقد عبر باللسان دون القول ليدخل من اخرج لسانه استهزاءا بصاحبه
وقد قرن اللسان باليد لان الايذاء يكون بهما اكثر من غيرهما فاعتبر الغالب
وقد قدم اللسان على اليد لسببين
1- لان الايذاء باللسان يشمل الحاضرين والغائبين وليس كما فى اليد فيشمل الموجودين فقط عدا الكتابه
2- لان الايذاء به يكون اكثر وقوعا واشد نكاية
وخصت اليد بالذكر دون باقى الجوارج لانها انما يحصل بها البطش والاخذ والمنع والقطع والوصل ويقال لمن عمل عملا هذا مما عملته ايديكم فاعتبر الغالب وتدخل فيها اليد المعنويه الاستلاء على حق الغير بغير حق
و المراد بالهجر هو الترك
والهجرة الحقيقية تكون فيما نهى الله تعالى عنه
وتنقسم الهجر الى قسمين
1- هجرة ظاهرية وهى الفرار بالدين من الفتنه
2- هجرة باطنية وهى ترك كل ماتدعو اليه النفس الامارة بالسوء والشيطان
وقد وجه النبى (صلى الله عليه وسلم) الخطاب هنا للمهاجرين لئلا يتكلوا على مجرد التحول من دار الى دار فاشار لهم ان هذا وحده ليس بشئ حتى يمتثلوا لاوامر الشرع ونواهيه
ويحتمل ان يكون هذا الحديث بعد انقطاع الهجرة لما فتحت مكة فجاء الحديث تطييبا لقلوب من لم يدرك الهجرة ليفيدهم ان حقيقة الهجر تحصل لمن هجر ما نهى الله عنه
وقد زاد الحاكم وابن حبان (والمؤمن من امنه الناس)
وفى الحديث الشريف جناس اشتقاق وهو ان يرجع اللفظان فى الاشتقاق الى اصل واحد
ويتمثل فى( المسلم - سلم) و ( المهاجر - هجر )
وهذا الحديث الشريف يدعونا الى راعية المجتمع بكف الاذى عنه واننا كمسلمين لا يجب ان يصدر عنا الا كل خير اقتداءا بنبينا المصطفى ( صلى الله عليه وسلم )
وان الهجرة الحقيقة هى فى ترك ما نهى الله تعالى عنه كهجر مجالس المعاصى
جعلنا الله تعالى من الهاجرين لشتى المعاصى والاثام الفائزين بصحبة المصطفى (صلى الله عليه وسلم ) فى اعلى الجنان
صفات المسلم